لديك إمساك؟ لك أن تنزعج، ولكن لا تتمادَ في الانزعاج أو تشعر أن الدنيا قفّلت والمشكلة لا حلّ لها، بل حاول أن تتعامل مع هذه المشكلة الصحية بكل هدوء واهتمام كي يزول عنك هذا الشعور المزعج لعدم القدرة على إخراج الفضلات العالقة في الأمعاء الغليظة.
الهدوء والاهتمام يتطلبان إدراك عدد من الأمور الأساسية المتعلقة بتعريف الإمساك، وما الطبيعي وغير الطبيعي في طريقة إخراج الفضلات، وما الكمية الطبيعية للفضلات التي يُتوقع أن يتخلص منها الجسم يوميا، وما الطبيعي في عدد مرات تكرار إخراج الفضلات. ولماذا يصاب الإنسان بالإمساك، وما الأطعمة التي قد تتسبب في الإمساك، وما الأطعمة التي تساعد على تليين الإخراج وإزالة الإمساك، وما الأمور الأخرى، غير المتعلقة بالطعام، التي تساعد على تخفيف الإمساك، وغير هذا من المعلومات الأساسية التي يهم كل إنسان معرفتها، للتعامل بشكل إيجابي وفعّال للتغلب على الإمساك والوقاية منه.
إمساك غير طبيعي
الإمساك أحد أكثر مشكلات الجهاز الهضمي شيوعا لدى البالغين والأطفال، ولدى الذكور والإناث. والنساء والأطفال أكثر عرضة للإصابة من الرجال أو عموم البالغين. وهو حالة غير طبيعية في إخراج الفضلات، يلحظها المرء في نفسه عند مقارنته للإخراج لديه بما يعهد عادة من نفسه.
والأوجه غير الطبيعية للإنسان في إخراج الفضلات تشمل ثلاثة جوانب: ـ أولا، عدد مرات الذهاب إلى دورة المياه والنجاح في التخلص من الفضلات.
ـ ثانيا، مدى الراحة الطبيعية خلال الإخراج الطبيعي للفضلات.
ـ ثالثا، مدى ليونة أو صلابة قوام الفضلات التي تخرج خلال عملية التبرز.
وما يحصل في حالة الإمساك هو إما تناقص عدد المرات التي ينجح المرء فيها إخراج الفضلات، أي إما أقل من ثلاث مرات في الأسبوع وإما أقل مما هو معتاد لدى الشخص. أو وجود صعوبات غير طبيعية في النجاح لإخراج الفضلات، مما يتطلب منه بذل جهد لإتمام ذلك. أو إخراج فضلات صلبة وجافة بشكل غير طبيعي ولا معتاد. ويضيف الباحثون من مايو كلينك أعراضا أخرى للإمساك، وهي الشعور بأن ثمة ما يعوق خروج الفضلات عبر فتحة الشرج. أو الشعور بأنه لم يتم بالكامل إفراغ الفضلات، أي كأن ثمة ما بقي ولم يخرج بعد. أو أن تصل الأمور بالبعض إلى القيام بأفعال لتنشيط الإخراج، مثل الضغط على أسفل البطن أو استخدام إحدى الأصابع لإفراغ الفضلات أو حقن ماء الصنبور في داخل فتحة الشرح أو غيرها.
مراجعة الطبيب
وعلى الرغم من أن الإمساك حالة لا تتطلب عادة مراجعة الطبيب على وجه السرعة، فإن هناك أعراضا معينة يتطلب وجودها مراجعة الطبيب، مثل أن يكون الإمساك مصحوبا بوجود ألم شديد في البطن، أو إخراج دم مع البراز، أو عدم النجاح في التبرز لمدة ثلاثة أيام، أو تعاقب تكرار حصول الإسهال والإمساك، أو وجود ألم في منطقة الشرج، أو إخراج فضلات رفيعة وشبيهة بشكل أنبوب قلم الرصاص، أو حصول نقص غير مبرَّر في وزن الجسم، أو أن يستمر الإمساك لمدة تزيد عن ثلاثة أسابيع.
إخراج الفضلات
بعد مرور الطعام بعمليات الهضم وامتصاص ما فيها من عناصر غذائية مفيدة، تتكون كتلة من الفضلات. وتتراكم هذه الفضلات في الأمعاء الغليظة، والقولون، ويتم إخراجها عبر عملية التبرز.
والطبيعي، كما تشير المصادر الطبية، أن يُخرِج الإنسان البالغ كمية من البراز اليومي بوزن 200 غرام.
في الحالات الطبيعية، تخرج الفضلات من القولون عبر عملية الدفع إلى الخارج من خلال فتحة الشرج. وتتكون هذه القوة الدافعة لكتلة البراز نتيجة الحركات الانقباضية للعضلات التي تغلّف القولون. ومعلوم أن القولون يحتوي على طبقات من العضلات بشكل حلقات عرضية وشكل أشرطة طولية. ولأن الفضلات حينما تدخل إلى القولون، قادمة من الأمعاء الدقيقة، تكون في هيئة سائلة وشبه هلامية، فإن الذي يجري للفضلات في القولون هو عمليات من امتصاص الماء والأملاح. وذلك بغية تكوين فضلات ذات قوام متماسك وشبه صلب نسبيا. وبهذه الهيئة شبه الصلبة يُمكن لعضلات القولون أن تدفع الفضلات للخروج من الجسم عبر مخرج بوابة الحلقات العضلية لفتحة الشرج.
وحينما تجري بشكل مفرط في القولون عملية امتصاص الماء من الفضلات، أو حينما ينتاب الكسل والبطء حركة انقباض عضلات القولون، فإن المحصلة لأي من هاتين الحالتين هي نشوء كتلة من الفضلات ذات قوام أكثر صلابة مما هو معتاد وطبيعي. وبالتالي، يصعب إخراج تلك الفضلات، وتبطئ وتيرة عملية تكرار إخراجها. أي بعبارة أخرى، تنشأ مشكلة الإمساك لدى الإنسان. وهذه هي الآلية الأساس لنشوء مشكلة الإمساك لدى غالبية الناس.
ولدى البعض تنشأ مشكلة الإمساك نتيجة لحصول عدم تناغم وتوافق في حركات عضلات القولون مع حركات عضلات فتحة البوابة الشرجية ومع حركات عموم أسفل البطن والحوض. وبالتالي يُضطرّ المرء إلى بذل مزيد من الجهد العضلي الضاغط، عبر حبس الهواء في الرئة ودفع الحجاب الحاجز، في ما بين الصدر والبطن، إلى أسفل، وذلك لتسهيل خروج الفضلات. وفي هذه الحالات لا تكون بالضرورة كتلة الفضلات صلبة، بل ربما لينة ورطبة بما يكفي. أسباب متعددة للإمساك